فصل: (باب الشين والباء وما يثلثهما)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


‏(‏باب الشين والهاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شهو‏)‏

الشين والهاء والحرف المعتل كلمة واحدة، وهي الشّهوة‏.‏ يقال‏:‏ رجلٌ شَهْوانُ، وشيءٌ شَهِيّ‏.‏

‏(‏شهب‏)‏

الشين والهاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بياض في شيءٍ من سواد، لا تكون الشُّهبةُ خالصةً بياضاً‏.‏ ومن ذلك الشُّهبة في الفرَس، هو بياضٌ يخالطُهُ سَواد‏.‏ ويقال كَتِيبةٌ شَهباء، إِذا كانت عِليتُها بياضَ الحديد، ويقال لليوم ذي البرد والصُّرَّاد‏:‏ أشهبُ، والليلة الشّهباءُ‏.‏ ويقال‏:‏ اشهابَّ الزَّرْع، إذا هاجَ وبَقي في خِلاله شيءٌ أخضر‏.‏ ومن الباب‏:‏ الشِّهاب، وهو شُعلة نارٍ ساطعة‏.‏ وإنَّ فُلاناً لَشِهابُ حربٍ، وذلك إذا كان معروفاً فيها مشهوراً كشُهرة الكواكب اللّوامع‏.‏ ويقال إنَّ النّصل الأشهبَ الذي قد بُرِدَ بَرْداً خفيفاً حتى ذهب سوادُهُ‏.‏ ويقال إنَّ الشّهاب اللّبَنَ الضَّيَاح، وإِنما سمِّيَ بذلك لأنَّ ماءَه قد كثر فصار كالبياض الذي يخالطه لونٌ آخر‏.‏

‏(‏شهد‏)‏

الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه‏.‏ من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام‏.‏ يقال شَهد يشهد شهادةً‏.‏ والمَشهد‏:‏ محضر النّاس‏.‏

ومن الباب‏:‏ الشُّهود‏:‏ جمع الشاهد، وهو الماء الذي يخرج على رأس الصبيّ إِذا وُلد، ويقال بل هو الغِرْس‏.‏ قال الشاعر‏:‏

فجاءَت بمثل السّابرِي تَعجَّبُوا*** لهُ والثَّرَى ما جفَّ عنه شُهودها

وقال قوم‏:‏ شهود النّاقة‏:‏ آثار موضع مَنْتَجِها من دمٍ أو سَلَىً‏.‏ والشَّهيد‏:‏ القتيل في سبيل الله، قال قومٌ‏:‏ سمِّيَ بذلك لأنّ ملائكة الرحمة تشهده، أي تحضُره‏.‏ وقال آخرون‏:‏ سمِّي بذلك لسقوطه بالأرض، والأرض تسمَّى الشاهدة‏.‏ والشاهد‏:‏ اللِّسان، والشَّاهد‏:‏ المَلَك‏.‏ وقد جمعهما الأعشى في بيت‏:‏

فلا تحسَِبَنّي كافراً لك نعمةً*** عَلَى شاهِدِي يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ

فشاهده‏:‏ اللسان‏:‏ وشاهد الله جلَّ ثناؤه، هو المَلَك، فأمَّا قوله جلَّ وعزَّ‏:‏

‏{‏شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُو‏}‏ ‏[‏آل عمران 18‏]‏، فقال أهلُ العِلم‏:‏ معناه أَعلَمَ الله عزَّ وجلَّ، بيَّن اللهُ، كما يقال‏:‏ شَهِدَ فلانٌ عند القاضي، إذا بيَّنَ وأعلَمَ لمن الحقُّ وعلى مَنْ هو‏.‏ وامرأةٌ مُشْهِد، إِذا حضر زوجها، كما يقال للغائب زوجُها‏:‏ مُغِيب‏.‏ فأمَّا قولهم أشْهَدَ الرّجُلُ، إِذا مَذَى، فكأنَّهُ محمولٌ على الذي ذكرناه من الماء الذي يخرج على رأس المولود‏.‏

ومما شذّ عن هذا الأصل‏:‏ الشُّهْد‏:‏ العسلُ في شَمَعِها؛ ويجمع على الشِّهاد‏.‏ قال‏:‏

إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاءٍ*** لُبابَ البُرِّ يُلبَكُ بالشِّهادِ

‏(‏شهر‏)‏

الشين والهاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على وضوحٍ في الأمر وإِضاءة‏.‏ من ذلك الشَّهر، وهو في كلام العرب الهِلال، ثمَّ سمِّي كلُّ ثلاثين يوماً باسم الهلال، فقيل شهر‏.‏ قد اتَّفق فيه العربُ والعجم؛ فإنَّ العجم يسمُّون ثلاثين يوماً باسم الهلال في لغتهم‏.‏ والدليل على هذا قولُ ذي الرّمّة‏:‏

فأَصْبَحَ أَجْلَى الطرفِ ما يستزيدُهُ*** يَرَى الشَّهرَ قبلَ الناسِ وهو نحيلُ

والشُّهرة‏:‏ وضوح الأمر‏.‏ وشَهَرَ سيفَه، إِذا انتضاه‏.‏ وقد شُهِر فلانٌ في الناس بكذا، فهو مشهور، وقد شَهَرُوه‏.‏ ويقال‏:‏ أَشْهَرْنا بالمكان، إِذا أَقَمنا به شهراً‏.‏ وشَهْرانُ‏:‏ قبيلة‏.‏

‏(‏شهق‏)‏

الشين والهاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على علوّ‏.‏ من ذلك جبلٌ شاهِق، أي عال‏.‏ ثمَّ اشتُقَّ من ذلك الشَّهيق‏:‏ ضدّ الزَّفير؛ لأنَّ الشَّهيق ردُّ النّفَس، والزّفير إخراج النَفَس‏.‏ والأصل في ذلك ما ذكرناه‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ فلان ذو شاهقٍ، إِذا اشتدَّ غضبُه‏.‏ ولعلَّه أن*يكون مع ذلك صوت‏.‏

‏(‏شهل‏)‏

الشين والهاء واللام أصلٌ في بعض الألوان، وهي الشُّهْلة في العين، وذلك أن يَشُوبَ سوادَها زُرْقة‏.‏

ومما ليس في هذا الباب‏:‏ امرأةٌ شهلة، قالوا‏:‏ هي النَّصَف العاقلة‏.‏ قالوا‏:‏ وذلك اسمٌ لها خاصّةً، لا يوصَف به الرجل‏.‏ كذا قال أهل اللُّغة‏.‏ فأمَّا العرب فقد سمَّت بشَهْل، وهو الفِند الزِّمَّانيّ، يقال إنّ اسمَه شَهْل بن شيبان‏.‏

ومما شذَّ أيضاً‏:‏ المشاهَلة‏:‏ المُشَارَّة، وأظنُّ الشين مبدلةً من جيم‏.‏ وكذلك قولهم للحاجَةِ‏:‏ شهلاء، وهو من باب الإبدال، والأصل الكاف‏:‏ الشَّكْلاء‏.‏

‏(‏شهم‏)‏

الشين والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على ذَكاء‏.‏ يقال من ذلك‏:‏ رجلٌ شَهْمٌ‏.‏ وربَّما قالوا للمذعور‏:‏ مَشهوم، وهو قياسٌ صحيح لأنَّه إذا تَفَزَّعَ بَدَا ذكاءُ قلبِه‏.‏ ويقولون‏:‏ إنَّ الشَّهامَ السِّعلاة‏.‏ فإنْ صحَّ هذا فهو أيضاً من الذكاء‏.‏ والشَّيهم‏:‏ القنفذ؛ وليس ببعيدٍ أن يكون من قياس الباب‏.‏ وفيه يقول الأعشى‏:‏

لَئِنْ جَدَّ أسبابُ العداوةِ بيننا*** لترتَحِلَنْ منِّي على ظهر شَيهمِ

والله أعلم‏.‏

‏(‏باب الشين والواو وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شوي‏)‏

الشين والواو والياء يدلُّ على الأمر الهيِّن‏.‏ من ذلك الشَّوى وهو رُذال المال‏.‏ قال‏:‏

أَكَلْنا الشَّوَى حَتَّى ‏[‏إِذا لم تَجِدْ شَوىً‏]‏*** أَشَرْنا إلى خيراتها بالأصابعِ

ومن ذلك الشَّوَى‏:‏ جمع شَواة، وهي جِلْدة الرأس‏.‏ والشَّوَى‏:‏ الأطراف، وكلُّ ما ليس بمَقتل‏.‏ وكلُّ أمرٍ هَيّنٍ شَوىً‏.‏ ويقولون في الإتباع‏:‏ عَيِيٌّ شَوِيٌّ‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ هو من الشَّوى، وهو الرُّذَال‏.‏ ويقال رميتُ الصَّيدَ فأَشْوَيْتُهُ، إِذا أَصَبْتَ شَواهُ، وهي أطرافه‏.‏ والشَّوايا‏:‏ بقيَّة قومٍ هَلَكوا، الواحِد شَوِيَّة؛ وإِنَّما سمِّيت بذلك لقلَّتها وهُونِها‏.‏ قالوا‏:‏ والشّواية الشيء الصغير من الكبير، كالقِطعة من الشّاة‏.‏ ويقال‏:‏ ما بَقِيَ من المال إِلا شَُِـوايَة، أي شيءٌ يسير‏.‏ والذي لا نشكُّ فيه أنَّ الشِّواء مشتقٌّ من هذا؛ لأنّه إِذا شُوِيَ فكأنَّه قد أهين‏.‏ فإن قال قائل‏:‏ فينبغي أن يكون إِذا قُدِر وكبِّب‏:‏ شِواءٌ لأنَّه قد أهين‏.‏ قيل لـه‏:‏ نحن نعلِّل ما يقوله العربُ حتَّى نردَّه إلى أصلٍ مطَّرد متّفَقٍ عليه، فأمَّا ما سوى ذلك فليس لنا ما نفعلَه‏.‏ وتقول‏:‏ شَوَيتُ اللَّحمَ شَيَّاً واشتويتُهُ، فأنا مشتوٍ‏.‏ قال الشاعر‏:‏

* فاشتوَى ليلةَ ريحٍ واجْتَمَلْ*

ويقال انْشَوَى اللَّحم‏.‏ قال‏:‏

قَد انشَوى شِواؤنا المرَعْبل*** فاقترِبوا إلى الغَداءِ فكلُوا

قال الخليل‏:‏ الإشواء‏:‏ الإبقاء أو في معناه، حتى يقول بعضهم‏:‏ تعشَّى فلانٌ فأَشْوَى من عَشَائِه، أي أبقى‏.‏ قال‏:‏

فإنَّ من القول التي لا شَوى لها*** إِذا زلَّ عن ظهر اللِّسان انفلاتها

أي لا بقيَّةَ لها‏.‏ والأصلُ يَرجع إلى ما أصَّلناه‏.‏

‏(‏شوب‏)‏

الشين والواو والباء أصلٌ واحدٌ، وهو الخَلْط‏.‏ يقال‏:‏ شُبْتُ الشيءَ أشوبُه شَوباً‏.‏ قال أهلُ اللُّغة‏:‏ وسمِّي العَسَل شَوباً، لأنَّه كان عندهم مِزاجاً لغيره من الأشربة‏.‏ والشِّياب‏:‏ اسمٌ لما يُمزَج به‏.‏ ويقولون‏:‏ ما عنده شوبٌ ولا رَوب‏.‏ فالشَّوب‏:‏ العَسَل‏.‏ والرّوب‏:‏ اللبن الرائب‏.‏

‏(‏شوذ‏)‏

الشين والواو والذال ليس فيه إلاَّ المِشْوَذ، وهي العمامة‏.‏ قال الوليد بن عقبة‏:‏

إِذا ما شددتُ الرأس مِنّي بِمشوذٍ*** فَغَيَّكِ مِنِّي تغلبَ ابنةَ وائلِ

‏(‏شور‏)‏

الشين والواو والراء أصلان مطَّردان، الأوَّل منهما إبداء شيء وإِظْهارُهُ وعَرْضه، والآخر أخْذ شيء‏.‏

فالأوَّل قولهم‏:‏ شُرت ‏[‏الدَّابّة ‏]‏ شَوْراً، إِذا عَرضْتَها‏.‏ والمكان الذي يُعْرض فيه الدَّوابّ هو المِشوار‏.‏ يقولون‏:‏ ‏"‏إِيَّاكَ والخُطَبَ* فإنَّها مِشْوارٌ كثير

العِثار‏"‏‏.‏

قال بعض أهل اللغة في قولهم شَوّرَ بِهِ، إذا أخجله‏:‏ إِنما هو من الشُّوار، والشُّوار‏:‏ فَرْج الرّجُل‏.‏ ومن ذلك قولهم‏:‏ أَبْدَى الله شُواره‏.‏ قال‏:‏ فكأنَّ قولَه شَوّر به، أراد أَبْدَى شواره حتَّى خَجِل‏.‏ قال‏:‏ والشَّوار‏:‏ مَتاع البيت أيضاً‏.‏ فإنْ كان صحيحاً فلأنَّه مِن الذي يُصان كما يصُون الرّجلُ ما عنده‏.‏

والباب الآخر‏:‏ قولهم‏:‏ شُرْت العسلَ أَشُوره‏.‏ وقد أجاز ناسٌ‏:‏ أَشَرْت العسَل، واحتجُّوا بقوله‏:‏

وَسَمَاعٍ يأذَنُ الشّيخُ لـهُ*** وحديثٍ مثلِ ماذِيّ مُشَارِ

‏[‏وقال الأصمعيّ‏:‏ إنما هو ‏"‏ماذيِّ مَشارِ‏"‏‏]‏ على الإضافة‏.‏ قال‏:‏ والمَشار‏:‏ الخليَّة يُشتار منها العَسَل‏.‏

قال بعض أهلُ اللُّغة‏:‏ من هذا الباب شاورتُ فلاناً في أمري‏.‏ قال‏:‏ وهو مشتقٌّ من شَوْر العسل، فكأنَّ المستشير يأخذ الرأيَ من غيره‏.‏

قالوا‏:‏ ومما اشتُقّ من هذا قولهم في البعير‏:‏ هو مُستشِير، وهو البعير الذي يعرف الحائلَ من غير الحائل‏.‏ وأنشد‏:‏

أَفزَّ عنها كلَّ مستشيرِ*** وكلَّ بَكْرٍ داعِرٍ مِئْشِيرِ

ويقال‏:‏ بل هو السَّمين‏.‏

‏(‏شوس‏)‏

الشين والواو والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَظَرٍ بتغيُّظ‏.‏ من ذلك الشَّوَس‏:‏ النَّظَرَ بأحد شِقَّي العين تغيُّظاً‏.‏ ورجلٌ أشوسُ من قومٍ شُوس‏.‏ ويقال هو ‏[‏الذي ‏]‏ يصغِّر عينيه ويضمُّ أجفانه‏.‏

‏(‏شوص‏)‏

الشين والواو والصاد أصلٌ يدلّ على زعزعةِ شيءٍ وَدَلْكِه‏.‏ من ذلك الشَّوْص، وهو التسوُّك بالسِّواك‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏أنَّه كان يَشُوص فاه بالسِّواك‏"‏‏.‏ وقال امرؤ القيس‏:‏

بأَسوَدَ ملتفِّ الغدائرِ واردٍ*** وذي أُشُرٍ تَشُوصه وتمُوصُ

والشّوْص‏:‏ الدلْك، وقد يقال في الثَّوْب أيضاً‏.‏ ويقال شاص الشيء، إِذا زَعزَعَه‏.‏ وأما الشَّوْصة فداءٌ يقال إنَّه يتعقَّد في الأضلاع‏.‏

‏(‏شوط‏)‏

الشين والواو والطاء أصلٌ يدلُّ على مضيٍّ في غير تثبُّت ولا في حَقٍّ‏.‏ من ذلك قولُهم جَرى شَوطاً أي طَلَقاً‏.‏ ويقولون للضَّوءِ الذي يدخل البيوتَ من الكُوّة‏:‏ شَوط باطلٍ‏.‏ وكان بعض الفقهاء يكره أن يقال‏:‏ طاف بالبيت أشواطاً، وكان يقول‏:‏ الشَّوط باطل، والطّوافُ بالبيت من الباقيات الصالحات‏.‏

‏(‏شوظ‏)‏

الشين والواو والظاء كلمة واحدة صحيحة، فالشوَاظ‏:‏ شُواظُ اللّهب من النار لا دُخانَ معه‏.‏ قال تعالى‏:‏ ?شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ? ‏[‏الرحمن 35‏]‏‏.‏

‏(‏شوع‏)‏

الشين والواو والعين أصلٌ يدل على انتشارٍ وتفرُّق‏.‏ من ذلك‏:‏ الشَّوَع، وهو انتشار الشَّعْر وتفرُّقه‏.‏ والشُّوع‏:‏ شَجَر ولَعله متفرِّق النبت‏.‏

‏(‏شوف‏)‏

الشين والواو والفاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على ظهور وبُروز‏.‏ من ذلك قول العرب‏:‏ تَشَوَّفَت الأوعالُ، إذا عَلَتْ مَعاقل الجبال‏.‏ ثم حُمِل على ذلك واشتُقَّ منه‏:‏ تشوَّفَ فُلانٌ للشَّيء، إذا طَمَح به، ثمَّ قِيلَ لجَلْو الشيء شَوف‏.‏ تقول‏:‏ شُفْتُه أشوفُهُ شَوفاً‏.‏ والمَشُوف‏:‏ المجلُوّ‏.‏ والدِّينار المَشُوف من ذلك‏.‏ وفيه يقول عنترة‏:‏

* رَكَدَ الهواجرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ*

وإِنَّما سمِّيَ ذلك شَوفاً لأنَّه يبرز به عن وجهِهِ ولونه‏.‏ ويقال من ذلك‏:‏ تشوَّفَت المرأةُ، إِذا تزيَّنَت‏.‏ ويقال إنَّ الجَمل المَشُوف‏:‏ الهائج‏.‏ قال‏:‏

* مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْتَه بعَصِيمِ*

وقال قوم في البيت‏:‏ إنَّما هو ‏"‏المَسُوف‏"‏ بالسين، وهو الفَحل الذي تَسوفُه الإِبل، أي تشمّه‏.‏ ويقال اشتافَ فلانٌ، إِذا تطاوَلَ ونظَر‏.‏ وأشافَ على الشيء، إِذا أَوفَى عليه وأَشْرَفَ‏.‏ ومن ذلك سُمِّي الطَّليعةُ الشَّيِّفَة‏.‏

‏(‏شوق‏)‏

الشين والواو والقاف يدلُّ على تعلُّق الشّيء بالشيء، يقال شُقتُ الطُّنُب، أي الوتِد، واسم ذلك الخيط الشِّيَاق‏.‏ والشَّوْق مثل النَّوْط، ثم اشتقَّ من ذلك الشَّوق، وهو نزاعُ النَّفْس إلى الشيء‏.‏ ويقال شاقَنِي يَشُوقُني، وذلك لا يكون إلاَّ*عن عَلَق حُبّ‏.‏

‏(‏شوك‏)‏

الشين والواو والكاف أصلٌ واحِدٌ يدلُّ على خشونةٍ وحدَّةِ طرَفٍ في الشّيء‏.‏ من ذلك الشَّوك، وهو معروف‏.‏ يقال شجرةٌ شَوِكَة وشائكة ومُشِيكة‏.‏ ويقال شاكَني الشّوكُ‏.‏ وأَشَكْتُ فلاناً، إِذا آذَيتَه بالشَّوك‏.‏ وشوَّكَ الفرخ، إِذا أَنْبَت‏.‏ ويشتقُّ من ذلك الشَّوْكة، وهي شدة البَأس‏.‏ ويقال جاء بالشَّوك والشَّجر، أي في العدد الجَمّ‏.‏ ويقال بُرْدةٌ شَوكاء، وهي الخَشِنة المَسِّ من جِدّتها، وقيل هي الخشنة النَّسْج‏.‏ ويقال‏:‏ شَوَّكَ ثَديُ المرأةِ، إذا انتصب وتَحدَّد طَرَفه‏.‏ ويقال شوَّك البعير، إِذا طالت أنيابُهُ‏.‏

‏(‏شول‏)‏

الشين والواو واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الارتفاع‏.‏ من ذلك شالَ المِيزان، إِذا ارتفعت إحدى كِفّتَيه‏.‏ وأَشَلْت الشّيءَ‏:‏ رفعتُهُ، والشَّول من الإِبل‏:‏ التي ارتفت ألبانُها، الواحدة شائلة‏.‏ والشوَّل‏:‏ اللواتي تَشُول بأذنابها عند اللِّقاح، الواحدة شائل‏.‏ وزعم قومٌ أنّ شَوّالاً سمِّي بذلك لأنَّه وافق وقتَ أن تشولَ الإبل‏.‏ والشَّوْلة‏:‏ نجم، وهي شَوْلة العقرب، وهي ذَنَبها‏.‏ وتسمَّى العقربُ شَوّالة‏.‏ ويقال تشاوَلَ القَومُ بالسِّلاح عند القتال، وذلك أَنْ يُشيل كلٌّ السِّلاح لصاحِبه‏.‏ فأمَّا الماء القليل فيسمى شَولاً، لأنَّه إِذاً قد خف وسَرُع ارتفاعه وذهابه‏.‏ قال‏:‏

* وصَبَّ رُواتُها أشوالَها*

ويسمَّى الخادم الخفيف في الخِدمة‏:‏ شَوِلاً؛ لسرعة ارتفاعه فيما ينهض فيه‏.‏

‏(‏شوه‏)‏

الشين والواو والهاء أصلان‏:‏ أحدهما يدلُّ على قُبح الخِلقة، والثاني نوعٌ من النَّظَر بالعين‏.‏

فالأوّل الشَّوَه‏:‏ قُبح الخلقة؛ يقال شاهَت الوجوه أي قَبُحت‏.‏ وشوَّهه الله فهو مشوَّه‏.‏ وفي الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رَمَى المشركين بالتُّراب وقال‏:‏ ‏"‏شاهت الوُجوه‏"‏‏.‏ وأمَّا الفرس الشَّوهاء فالتي في رأسها طُول‏.‏

وأمّا الأصل الآخر فقالوا‏:‏ رجل شائِهُ البصر، إذا كان حديد البصَر‏.‏ ويقال شاهِي البَصَر أيضاً، وكأنه من المقلوب‏.‏ ويقال الأشْوَه الذي يُصيب النَّاسَ بالعين‏.‏ ويقولون‏:‏ لا تَشَوَّه عَلَيَّ، إِذا قال ما أحَسَنَك، أي لا تُصِبْني بعينك‏.‏

ومما شذّ عن الباب‏:‏ الشَّاة‏.‏ قالوا‏:‏ أصل بنائها من هذا، يقال تشوَّهْت شاةً، أي أخذتها‏.‏

‏(‏باب الشين والياء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شيأ‏)‏

الشين والياء والهمزة كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال شَيَّأ الله وجْهَه؛ إِذا دعا عليه بالقُبح‏.‏ ووجهٌ مُشَيَّأٌ‏.‏وأنشد‏:‏

إِنَّ بَنِي فزارةَ بنِ ذُبيانْ***

قد طَرَّقَتْ ناقتُهم بإنسانْ

مُشَيَّأٍ أعجِبْ بِخَلْقِ الرَّحمن

‏(‏شيب‏)‏

الشين والياء والباء‏.‏ هذا يقرب من باب الشين والواو والباء، وهما يتقاربان جميعاً في اختلاط الشّيء بالشيء‏.‏ من ذلك الشَّيب‏:‏ شَيب الرأس؛ يقال شاب يَشيب‏.‏ قال الكسائيّ‏:‏ شيّب الحُزنُ رأَسَه وبرأسه، وأشابَ الحُزْن رأسَه وبرأْسه‏.‏ والرجل إِذا شابَ فهو أَشْيَب‏.‏ والشِّيب‏:‏ الجبال يسقُط عليها الثلج، وهو من الشَّيْب‏.‏ وقال الشاعر‏:‏

شيوخٌ تَشِيب إِذا ما شتَت*** وليسَ المشيبُ عليها معيبا

يريد الجبال إِذا ابيضَّت من الثلج‏.‏ ووجدت في تفسير شعر عبيد في قوله‏:‏

* والشَّيبُ شَينٌ لمن يشِيبُ*

أنَّ الشَّيب والمَشِيب واحد‏.‏ قال‏:‏ وقال الأصمعيّ‏:‏ الشَّيب‏:‏ بياض الشَّعر، والمشيبُ‏:‏ دخولُ الرَّجُل في حدِّ الشِّيبِ من الرِّجال ذوي الكِبَر والشَّيب‏.‏ وقال أيضاً في هذا الموضع‏:‏ قال ابن السّكّيت في قول عديٍّ‏:‏

* والرأسُ قد شابَهُ المَشِيبُ*

أراد بَيّضه المَشيب، وليس معناه خالَطَه، وأنشد‏:‏

قد رابَه ولِمِثْلِ ذلك رابَهُ*** وَقَعَ المَشيبُ على المشيبِ فشابَهُ

أي بَيَّضَ مسوَدَّه‏.‏ وشِيبان ومِلْحان‏:‏ شهرا*قِماح، وهما أشدُّ الشتاء برداً؛ سمِّيا بذلك لبياض الأرض بما عليها من الصَّقيع‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم‏:‏ باتت فلانة بليلةِ شَيْباءَ، إِذا افْتُضَّت‏.‏ وباتَتْ بليلةِ حُرّةٍ، إِذا لم تُفْتَضّ‏.‏

‏(‏شيح‏)‏

الشين والياء والحاء أصلان متباينان، يدلُّ أحدهما على جِدٍّ وحَذَرٍ، والآخر على إعراض‏.‏

فأمَّا الأوَّل فقول العرب‏:‏ أشاحَ على الشيءِ، إِذا واظَبَ عليه وَجَدّ فيه قال الراجز‏:‏

* قُبَّاً أطاعَت راعياً مُشِيحاً*

وقال آخر‏:‏

* وشايَحْتَ قبل اليَومِ إِنَّكَ شِيحُ*

وأمَّا الشِّياح فالحِذَار‏.‏ ورجل شائحٌ‏.‏ وهو قوله‏:‏

* شايَحْن منه أَيَّما شِيَاحِ*

والمَشْيُوحاء‏:‏ أَنْ يكون القومُ في أمرٍ يَبْتَدِرونه؛ يقال هم في مَشْيُوحاءَ‏.‏

وأما الآخر فيقال‏:‏ أشاحَ بوجهه، أي أعرض‏.‏ ويقال إِنَّ اشتقاقَه من قولهم أشاحَ الفرسُ بذنَبه، إذا أرخاه‏.‏

ومما شذَّ عن البابين جميعاً‏:‏ الشِّيح، وهو نبتٌ‏.‏

‏(‏شيخ‏)‏

الشين والياء والخاء كلمة واحدة، وهي الشَّيخ‏.‏ تقول‏:‏ هو شيخٌ، وهو معروف، بيِّن الشَّيخوخة والشَّيَخ والتّشييخ‏.‏ وقد قالوا أيضاً كلمةً، قالوا‏:‏ شَيَّخت عليه‏.‏

‏(‏شيد‏)‏

الشين والياء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رفعِ الشّيء‏.‏ يقال شِدْت القَصر أَشِيدُهُ شَيْداً‏.‏ وهو قصرٌ مَشِيدٌ، أي معمولٌ بالشِّيد‏.‏ وسمِّي شِيداً لأنَّ به يُرفَعُ البناء‏.‏ يقال قَصرٌ مَشِيدٌ أي مُطَوّل‏.‏ والإشادة‏:‏ رفْع الصَّوت والتنويه‏.‏

‏(‏شيص‏)‏

الشين والياء والصاد‏.‏ يقال إنَّ الشِّيص أردأ التَّمْر‏.‏

‏(‏شيط‏)‏

الشين والياء والطاء أصلٌ يدلُّ على ذَهاب الشيء، إمّا احتراقاً وإما غَيْرَ ذلك‏.‏ فالشَّيْط مِنْ شاط الشَّيءُ، إِذا احترق‏.‏ يقال شيَّطت اللَّحم‏.‏ ويقولون‏:‏ شَيَّطه، إذا دَخَّنه ولم يُنْضِجْه‏.‏ والأوَّلُ أصحُّ وأقيَس‏.‏

ومن المشتقّ من هذا‏:‏ استشاط الرَّجلُ، إذا احتدَّ غضَباً‏.‏ ويقولون‏:‏ ناقةٌ مِشياط، وهي التي يطير فيها السِّمَن‏.‏

ومن الباب الشَّيطان، يقارب الياء فيه الواو، يقال شَاط يَشِيط، إِذا بَطَل‏.‏ وأشاطَ السُّلطانُ دمَ فلانٍ، إِذا أبطَلَه‏.‏ وقد مضى الكلامُ في اشتقاقِ اسم الشَّيطان‏.‏

‏(‏شيع‏)‏

الشين والياء والعين أصلان، يدلُّ أحدُهما على معاضدة ومساعفة، والآخر على بَثٍّ وإشادة‏.‏

فالأوّل‏:‏ قولُهم شَيَّعَ فلانٌ فلاناً عند شُخوصه‏.‏ ويقال آتِيكَ غداً أو شَيْعَه، أي اليوم الذي بعده، كأنَّ الثاني مُشَيِّع للأوّل في المضيّ‏.‏ وقال الشّاعر‏:‏

قال الخليطُ غداً تَصَدُّعُنا*** أو شَيْعَه أفلا تُوَدِّعُنا

وقال للشجاع‏:‏ المشيَّع؛ كأنَّه لقُوَّته قد قَوِي وشُيِّع بغيره، أو شُيِّع بقُوّة‏.‏

وزعم ناسٌ أنَّ الشَّيْعَ شِبل الأسد، ولم أسمْعه من عالمٍ سَماعاً‏.‏ ويقول ناس‏:‏ إنَّ الشَّيْع المِقدار، في قولهم‏:‏ أقام شهراً أو شَيْعَه‏.‏ والصَّحيح ما قلته، في أنَّ المشيِّع هو الذي يُساعِد الآخَر ويقارنه‏.‏ والشِّيعة‏:‏ الأعوان والأنصار‏.‏

وأما الآخر ‏[‏فقولهم‏]‏‏:‏ شاع الحديث، إِذا ذاع وانتشر‏.‏ ويقال شَيَّع الراعي إِبلَه، إِذا صاح فيها‏.‏ والاسم الشِّيَاع‏:‏ القصبة التي ينفُخُ فيها الراعي‏.‏ قال‏:‏

* حنينَ النِّيبِ تَطربُ للشِّياع*

ومن الباب قولهم في ذلك‏:‏ له سهم شائع، إذا كان غير مقسومٍ‏.‏ وكأنَّ من لـه سهمٌ ونَصِيب انتشرَ في السَّهم حتَّى أخذه، كما يَشِيعُ الحديثُ في الناس فيأخذ سَمع كلِّ أحد‏.‏

ومن هذا الباب‏:‏ شيَّعت النّارَ في الحطب، إِذا ألهَبْتَها‏.‏

‏(‏شيق‏)‏

الشين والياء والقاف كلمة‏.‏ يقال إنَّ الشِّيق الشّق الضّيق في رأس الجبل‏.‏ قال‏:‏

* شغْواء تُوطنُ بين الشِّيقِ والنِّيقِ*

‏(‏شيم‏)‏

الشين والياء والميم أصلان متباينان، وكأنَّهما من باب الأضداد إِذْ أحدُهما يدلُّ على الإظهار، والآخَر يدلُّ على خلافه‏.‏

فالأول قولهم‏:‏ شِمْت السّيفَ، إذا سللَتَه‏.‏ ويقال للتُّراب الذي يُحفَر فيستخرج من الأرض الشِّيمة، والجمع الشِّيَم‏.‏* ومن الباب‏:‏ شِمْت البرقَ أشِيمُه شَيماً، إِذا رَقَبْتَه تنظر أينَ يَصُوب‏.‏ وهذا محمول على الذي ذكرناه من شَيْم السَّيف‏.‏ وقال الأعشى‏:‏

فقلتُ للشَّرْبِ في دَُرْنا وقد ثَمِلوا*** شيموا وكيف يَشيم الشَّارِبُ الثَّمِلُ

كأنّه لما رَقَبَ السَّحاب شام بَرقَه كما يُشامُ السَّيف‏.‏

والأصل الآخَر‏:‏ قولُهم شِمت السّيفَ، إِذا قَرَبْتَه‏.‏ ومن الباب الشِّيمة‏:‏ خَلِيقة الإنسان، سمِّيت شيمةً لأنَّها كأنها مُنْشامة فيه داخلةٌ مستكِنّة‏.‏ والانشيام‏:‏ الدُّخول في الشيء؛ يقال‏:‏ انشام في الأمر، إذا دخلَ فيه‏.‏ والمَشِيمَة‏:‏ غِشاءُ وَلَدِ الإنسان، وهو الذي يقال لـه مِنْ غيرِهِ السَّلَى‏.‏ وسمِّيت بذلك كأن الولد قد انشام فيها‏.‏

فأمَّا الشَّامَة فيمكن أن يكون من الباب الأول؛ لأنَّها شيء بارزٌ، يقال منها رجلٌ أشيم، وهو الذي به شامة‏.‏

‏(‏شين‏)‏

الشين والياء والنون كلمةٌ تدلُّ على خلاف الزينة‏.‏ يقال شانَه خلافُ زانه‏.‏ والله أعلم بالصواب‏.‏

‏(‏باب الشين والهمزة وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شأت‏)‏

الشين والهمزة والتاء‏.‏ إنَّ الشئِيت من الأفراس‏:‏ العَثُور‏.‏

* كميتٌ لا أحَقُّ ولا شئِيتُ*

‏(‏شأز‏)‏

الشين والهمزة والزاء أُصَيْلٌ يدل على قلق وتَعَادٍ في مكان‏.‏ من ذلك المكان الشّأْز، وهو الخشِن المتعادِي‏.‏ قال رؤبة‏:‏

* شأزٍ بمَنْ عَوَّه جدْبِ المنطَلَق*

ويقال أشْأَزهُ الشيءُ، إِذا أقْلَقَه‏.‏

‏(‏شأس‏)‏

الشين والهمزة والسين، هو كالباب الذي قَبلَه، وليس يبعُد أن يكونَ من باب الإِبدال‏.‏ فشأْسٌ‏:‏ اسم رجل، والشَّأْس‏:‏ المكان الغليظ‏.‏

‏(‏شأف‏)‏

الشين والهمزة والفاء كلمةٌ تدل على البِغْضة‏.‏ من ذلك الشّآفَة وهي البِغْضَة؛ يقال شأفْتُهُ شَأَفاً‏.‏ قال‏:‏ ومن الباب الشَّأْفة، وهي قَرْحة تخرج بالأسنان فتُكوَى وتذهب، يقولون‏:‏ استأصَلَ الله شأفَته، يقال شُئِفَت رجلُه، فمعناه أَذْهَبَه الله كما أذهب ذاك‏.‏ وإِنّما سمِّيت شأفةً لِمَا ذكرناه من الكراهة والبغضة‏.‏

‏(‏شأن‏)‏

الشين والهمزة والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ابتغاءٍ وطلب‏.‏ من ذلك قولُ العرب‏:‏ شَأنْتُ شأنَهُ، أي قصدت قصده‏.‏ وأنشدوا‏:‏

يا طالبَ الجُودِ إنَّ الجُود مكرُمةٌ*** لا البخلُ منك ولا من شأنك الجُودَا

قالوا‏:‏ معناه ولا من طلبك الجودَ‏.‏

ومن ذلك قولُهم‏:‏ ما هذا من شأني، أي ما هذا مِنْ مَطْلَبِي والذي أبتغيه‏.‏ وأمّا الشؤون فَمَا بينَ قبائل الرأس، الواحد شأن‏.‏ وإِنَّما سمِّيتْ بذلك لأنَّها مَجارِي الدَّمع، كأنَّ الدَّمعَ يطلبُها ويجعلُها لنفسه مَسِيلاً‏.‏

‏(‏شأو‏)‏

الشين والهمزة والواو كلمتان متباعدتان جدّاً‏.‏

فالأول السَّبْق، يقال شأوته أي سَبَقْتُه‏.‏

والكلمة الأخرى الشَّأْوُ‏:‏ ما يخرجُ من البئر إذا نُظِّفَت‏.‏ ويقال للزَّبيل الذي يُخرَج به ذلك المِشْآة‏.‏

‏(‏شأي‏)‏

الشين والهمزة والياء كلمةٌ من باب الإِبدال، على اختلافٍ فيها‏.‏ قال قوم‏:‏ شأيت مثل شأوت في السَّبْق؛ يقال منه شأى واشتأى‏.‏ ‏[‏قاله المفضّل‏]‏ وأنشد‏:‏

فأيِّهْ بكِنْدِيرٍ حِمار ابنِ واقِع*** رآكَ بِكِيرٍ فاشْتأَى من عُتَائِدِ

وقال قوم‏:‏ اشتأى‏:‏ أشرفَ‏.‏ والذي قاله المفضَّل أصوب وأقيَس‏.‏

‏(‏شأم‏)‏

الشين والهمزة والميم أصلٌ واحد يدلُّ على الجانب اليَسار‏.‏ من ذلك المشأمة، وهي خلاف الميمنة‏.‏ والشَأم‏:‏ أرضٌ عن مَشْأَمة القِبلة‏.‏ يقال الشَّأمُ والشَّآم‏.‏ ويقال رجل شآمٍ وامرأةٌ شآمِيَة‏.‏ قال‏:‏

أُمِّي شآمِيَةً إِذْ لا عَرَاقَ لنا*** قوماً نودُّهُمُ إِذْ قومُنا شُوسُ

ورجل مشؤوم من الشُّؤم‏.‏

‏(‏باب الشين والباء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شبث‏)‏

الشين والباء والثاء أُصَيلٌ يدل على تعلق الشيءِ بالشيء‏.‏ من ذلك قولُهم تشبّثْت، أي تعلّقت‏.‏ ومن ذلك الشَّبَثُ، وهي دويْبَّة من أحْناش الأرضِ، كأنها تشبَّثت بما مرَّت‏.‏ والجمع شِبْثَانٌ‏.‏ قال‏:‏

* مدارجُ شِبْثانٍ لهنَّ هميمُ*

أي دبيب‏.‏

‏(‏شبح‏)‏

الشين والباء والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على امتداد الشيء في عِرَض‏.‏ من ذلك الشَّبَح، وهو الشَّخْص، سمِّي بذلك لأنَّ فيه امتداداً وعِرَضاً‏.‏ والمشبوح‏:‏ الرجلُ العُظَام‏.‏ قال أبوذُؤَيبٍ الهذليّ‏:‏

* وذلك مشبوحُ الذِّراعينِ خلجمٌ*

وشبَحْتُ الشيءَ‏:‏ مددتُه‏.‏ و‏[‏من‏]‏ ذلك شَبْحُه ذراعَيه في الدُّعاء وغيرِهِ‏.‏ ويقال للحرباء إِذا امتدَّ على العود‏:‏ قد شَبَحَ‏.‏

‏(‏شبر‏)‏

الشين والباء والراء أصلان‏:‏ أحدهما بعض الأعضاء، والآخر الفَضْل والعطاء‏.‏

فالأول‏:‏ الشِّبر‏:‏ شِبر الإنسان، وهو مذكر، يقال‏:‏ شَبَرْتُ الثّوبَ شَبراً‏.‏ والشِّبر‏:‏ الذي يُشبَر به‏.‏ ويقال للرّجُل القصير المتقارِب الخلْق‏:‏ هو قصير الشَّبر‏.‏ والمَشَابِر‏:‏ أنهارٌ تنخفض فيتأدَّى إليها الماء‏.‏ وكأنَّها إِنما سمِّيت مشابِرَ لأنَّ عَرْضَها قليل‏.‏والأصل الثاني الشّبَرُ‏:‏ الخير والفضل والعطاء‏.‏ قال عديّ‏:‏

* لم أخُنْهُ والذي أَعطَى الشَّبَرْ*

ويقال‏:‏ أَشْبَرتُه بكذا، أي خَصَصْتُهُ‏.‏ ورُويَ عن بعضهم أنَّه قال‏:‏ الشَّبَر‏:‏ شيء يعطيه النّصارى بعضُهم بعضاً على معنى القُربان‏.‏ وليس هذا بشيء‏.‏ وقياس الشَّبَر ما ذكرناه‏.‏

ومن الباب قولُهم‏:‏ أعطاها شَبْرَها، وذلك في حقِّ النِّكاح إِذا أعطاها حقَّها‏.‏ وجاء في الحديث أنَّه نهى عن شَبْر الجَمَل، وذلك كِراؤه والذي يُؤخَذ على ضرابه، وذلك كعَسْب الفحل‏.‏ ويقال من الباب شُبِّرَ، إِذا عُظِّم‏.‏

‏(‏شبص‏)‏

الشين والباء والصاد ليس بشيء‏.‏ وحكى ابنُ دريدٍ‏:‏ الشَّبَص الخُشونة‏.‏ وليس هو بشيءٍ‏.‏ قال‏:‏ ويقال‏:‏ تَشَبَّصَ الشجر‏:‏ دخل بعضُهُ في بعضٍ‏.‏

‏(‏شبع‏)‏

الشين والباء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على امتلاءٍ في أكل وغيره‏.‏ من ذلك شَبِعَ الرجل شِبَعاً وشِبْعاً، ورجلٌ شبعانُ‏.‏ ثمَّ اشتُقَّ من ذلك أشبعت الثّوبَ صِبْغاً‏.‏ ويقال امرأة شَبْعَى الخَلخال، أي ممتلئة، وذلك مِنْ كَثْرَة لحمِ ساقها‏.‏ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏المتشبِّع بما ليس عنده كلابسِ ثَوْبَيْ زُورٍ‏"‏، يريد المتكَثِّر بما ليس عنده، وهذا مَثَلٌ، كأنَّه أرادَ‏:‏ يُظهر شِبَعاً وهو جائع، وذلك كما تقول العرب‏:‏ ‏"‏تَجَشَّأَ لُقْمَانُ من غير شِبَع‏"‏‏.‏ ومن الباب قولُهم‏:‏ ‏[‏ثوبٌ‏]‏ شَبِيع الغَزْلِ، أي كثيرُهُ‏.‏

ومما يجري مَجرى التّشبيه من هذا الباب‏:‏ قولهم‏:‏ شبِعت من هذا الأمر ورَوِيت، وذلك ‏[‏إِذا‏]‏ كرهتَه‏.‏

‏(‏شبق‏)‏

الشين والباء والقاف كلمةٌ واحدة‏:‏ الشَّبَق، وهو شهوة النِّكاح‏.‏

‏(‏شبك‏)‏

الشين والباء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تداخلُ الشيء‏.‏ يقال شبَّكَ أصابعَهُ تشبيكاً‏.‏ ويقال‏:‏ بين القوم شُبْكَةُ نَسَبٍ، أي مُداخَلة‏.‏ ومن ذلك الشَّبَكة‏.‏

‏(‏شبل‏)‏

الشين والباء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على عطفٍ ووُدٍّ‏.‏ يقال لكل عاطفٍ على شيء وادّ له‏:‏ مُشْبِل‏.‏ ومنه اشتقاق الشِّبْل، وهو ولد الأَسَد‏.‏ لعطف أَبَوَيْه عليه‏.‏ ويقال لبؤةٌ مُشْبِلٌ، إِذا كان معها أولادُها‏.‏ وأشبلتِ المرأةُ، إِذا صَبَرتْ على أولادها فلم تتزوَّجْ‏.‏ وقال الكميت‏:‏

* المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ*

وحكي عن الكسائيّ‏:‏ شَبَلْت في بني فلانٍ، إِذا نَشَأتَ فيهم‏.‏ وقد شَبَل الغلامُ أحْسَنَ الشُّبول، إِذا أدْرَكَ‏.‏ وهذا على السَّعة والمجاز، لأنَّه يُشبَل عليه أي يُعطَف‏.‏

‏(‏شبم‏)‏

الشين والباء والميم كلمتان متباينتان جدّاً‏.‏ إحداهما الشَّبَم‏:‏ البَرْد، والشّبِم‏:‏ البارد‏.‏ والأخرى الشِّبَام‏:‏ خشبة تُعَرَّضُ في*فم الجدْي لئَلا يرضع، ثمّ يشبَّه بذلك فيقال الشِّبامان‏:‏ خيطانِ في البرقع، تشدُّهما المرأةُ في قفاها‏.‏

‏(‏شبه‏)‏

الشين والباء والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تشابُه الشّيء وتشاكُلِهِ لوناً وَوَصْفاً‏.‏ يقال شِبْه وشَبَه وشَبيه‏.‏ والشّبَهُ من الجواهر‏:‏ الذي يشبه الذّهَب‏.‏ والمُشَبِّهَات من الأمور‏:‏ المشكلات‏.‏ واشتبه الأمرانِ، إذا أَشْكَلاَ‏.‏

ومما شذ عن ذلك الشّبَهَانُ‏.‏

‏(‏شبو‏)‏

الشين والباء والحرف المعتل أصلان، أحدهما يدل على حَدٍّ وحِدّة، والآخر يدل على نَمَاءٍ وفضلٍ وكرامة‏.‏

فالشّبَاةُ حَدُّ كلِّ شيء شَبَاتُهُ، والجمع الشّبَا والشَّبَوَات‏.‏ والشَّبْوَةُ‏:‏ اسم للعقرب، وإِنّما سمِّيت بذلك لِشَبَاةِ إِبْرَتها‏.‏ قال‏:‏

* قد جَعلَتْ شَبْوَةُ تزبَئِرُّ*

وذكر اللِّحياني أنَّ الجاريةَ الفحّاشة يقال لها شَبْوة‏.‏ وإِنّما سمِّيت بذلك تشبيهاً لها بالعقرب‏.‏

والأصل الآخر الإشباء‏:‏ الإكرام‏:‏ يقال أتى فلانٌ فلاناً فأَشْبَاهُ، أي أكرمَه‏.‏ ويقال أَشَبَيْتُ الرَّجُلَ، إِذا رفعتَه للمجد والشّرف‏.‏ قال ذو الإصبع‏:‏

وهم مَنْ ولدوا أَشبَوْا*** بسِرِّ النّسبِ المَحضِ

والمُشْبِي‏:‏ الذي يُولَد لـه ولدٌ ذكيٌّ، وقد أَشْبَى‏.‏ وأَشْبَت الشَّجرةُ‏:‏ طالت‏.‏ ويقال أَشبَى فلاناً ولدُهُ، إِذا أَشْبهوه‏.‏ وأنشدوا‏:‏

أنا ابنُ الذي لم يُخْزِنِي في حياته*** قديماً ومن أشَبى أباه فما ظَلَمْ

والله أعلم‏.‏

‏(‏باب الشين والتاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شتر‏)‏

الشين والتاء والراء يدلُّ على خرقٍ في شيء‏.‏ من ذلك الشتَر في العين‏:‏ انقلابٌ في جفنها الأسفل مع خرقٍ يكون‏.‏ ويشتقُّ من ذلك قولهم‏:‏ شَتَّر به، إِذا انتقصَه وعابَه ومزّقه‏.‏‏

‏(‏شتم‏)‏

الشين والتاء والميم يدلُّ على كراهةٍ وبِغضة‏.‏ من ذلك الأسد الشتيم، وهو الكريه الوَجه‏.‏ وكذلك الحِمار الشتيم‏.‏ واشتقاقُ الشتم منه، لأنَّه كلامٌ كريه‏.‏‏

‏(‏شتو‏)‏

الشين والتاء والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ لزمانٍ من الأزمنة، وهو الشِّتاء‏:‏ خلافُ الصَّيف‏.‏ وهي الشَّتْوة، بفتح الشين‏.‏ والموضع المَشْتاة والمَشْتَى‏.‏ قال طَرَفة‏:‏‏

نَحْنُ في المشتاةِ نَدعُو الجَفَلَى*** لا تَرَى الآدِبَ فينا ينتقِرْ‏

وقال الخليل‏:‏ الشِّتاء معروف، والواحد الشَّتوة‏.‏ وهذا قياسٌ جيِّد، وهو مثل شَكوة وشِكاء‏.‏ ويقال أشتى القوم، إِذا دخَلوا في الشتاء؛ وشَتَوا؛ إذا أصابهم الشِّتاء‏.‏‏

‏(‏باب الشين والثاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شثن‏)‏

الشين والثاء والنون‏.‏ الشَّثْن‏:‏ الغليظ الأصابع‏.‏ وكلُّ ما غلُظ من عُضوٍ فهو شَثْن‏.‏ وقد شَثُن وَشَثِن‏.‏ والله أعلم‏.‏‏

‏(‏باب الشين والجيم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شجذ‏)‏

الشين والجيم والذال كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال أشْجَذَت السماء، إِذا سَكَنَ مطرُها، قال امرؤُ القيس‏:‏

تُظهِرُ الوَدَّ إِذا ما أَشْجَذَتْ*** وتُواريهِ إذا ما تَشْتكِرْ

قال ابن دريد‏:‏ ‏"‏الوَدّ‏:‏ جبلٌ معروف‏.‏ وتشتكر‏:‏ يشتدُّ مطرُها، من قولهم اشتكر الضَّرعُ، إِذا امتلأَ لَبَناً‏"‏‏.‏ وأَمَّا نُسختي مِن كتاب العين للخليل، ففيها أنَّ الشّين والجيم والذال مهمل، فلا أدرِي أهي سَقَطٌ في السَّماع، أم خفيت الكلمةُ على مؤلِّف الكتاب‏.‏ والكلمة صحيحة‏.‏

‏(‏شجر‏)‏

الشين والجيم والراء أصلان متداخلان، يقرُب بعضُهما من بعض، ولا يخلو معناهما من تداخُل الشيء بعضِه في بعض، ومن عُلُوٍّ في شيءٍ وارتفاع‏.‏ وقد جمعنا بين فروع هذين البابين، لما ذكرناه من تداخُلِهما‏.‏

فالشَّجَر مَعروفٌ، الواحدةُ شَجرة، وهي لا تخلو من ارتفاعٍ وتداخُلِ أغصان‏.‏ ووادٍ شَجِر‏:‏ كثير الشجر‏.‏ ويقال‏:‏ هذه الأرضُ أَشجَرُ من غيرها، أي أكثر شَجَراً‏.‏ والشَّجَر‏:‏ كلُّ نبتٍ لـه ساقٌ‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ‏}‏ ‏[‏الرحمن 6‏]‏‏.‏ وشَجَرَ بين القوم الأمرُ، إِذا اختلف أو اختَلَفوا وتشاجَرُوا فيه، وسمِّيت مشاجرةً لتداخُلِ كلامِهم بعضِه في بعض‏.‏ واشتَجَروا‏:‏ تنازَعوا‏.‏ قال الله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏}‏ ‏[‏النساء 65‏]‏‏.‏

وأمَّا شَجْرُ الإنسان، فقال قوم‏:‏ هو مَفْرَج الفم‏.‏ وكان الأصمعيّ يقول‏:‏ الشَّجْر الذَّقَنُ بعينه‏.‏ والقولان عندنا متقاربان؛ لأنَّ اللَّحيين إِذا اجتمعا، فقد اشتجرا، كما ذكرناهُ من قياس الكلمة‏.‏ ويقال اشتَجَرَ الرَّجُل، إذا وضع يده على شَجْرِهِ‏.‏ قال‏:‏

إِنِّي أَرِقْتُ فَبِتُّ اللّيلَ مشتجِراً *** كأَنَّ عَيْنِيَ فيها الصَّابُ مذبوحُ

ويقال‏:‏ شجرتُ الشّيءَ، إِذا تدلّى فرفعتَه‏.‏ والشَِّجار‏:‏ خشب الهَوْدَج‏.‏ والمعنيان جميعاً فيه موجودان، لأنّ ثمَّ ارتفاعاً وتداخُلاً‏.‏ والمِشْجَر سمِّي مِشْجَراً لتداخُل بعضِهِ في بعض‏.‏ وتشاجَرَ القومُ بالرِّماح‏:‏ تطاعَنُوا بها‏.‏ والأرض الشَّجْراء والشَّجِرةُ‏:‏ الكثيرة الشجَر‏.‏ قال ابنُ دريد‏:‏ ولا يقال وادٍ شجراء‏.‏

‏(‏شجع‏)‏

الشين والجيم والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على جُرأةٍ وإقدام، وربَّما كان هناك ببعض الطُّول، وهو بابٌ واحدٌ‏.‏ من ذلك الرَّجُلُ الشجاع، وهو المِقدام، وجمعه شجْعةٌ وشجَعاء‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ ‏"‏ولا تلتفت إلى قولهم شُجْعانٌ، فإنّه خطأ‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ سمعت الكِلابيِّين يقولون‏:‏ رجلٌ شُجاع، ولا يوصف به المرأة‏.‏ هذا قول أبي زيد‏"‏‏.‏

وحُدِّثْنا عن الخليل بإسنادِ الكتاب‏:‏ رجلٌ شجاعٌ وامرأةٌ شُجاعة ونسوةٌ شُجاعات‏.‏ وقد ذَكر أيضاً الشجعانَ في جمع شجاع‏.‏ والشجاع‏:‏ الحيَّة‏.‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏يجيءُ كَنْزُ أحدهم يومَ القيامة شُجاعاً أَقْرَعَ‏"‏‏.‏ فأمَّا الشَّجَع في الإِبل فقال قوم‏:‏ هو سرعةُ نَقْلِ القوائمِ، ثم يقال جمل شَجِع وناقةٌ شجِعة‏.‏ ويقال هو الطُّول، وأنشد‏:‏

فَرَكِبْناها على مَجهولها*** بِصِلاب الأرضِ فيهنَّ شَجَع

ويقال‏:‏ إنَّ الشَّجَع الجُنون‏.‏ وقال أهلُ اللغة‏:‏ وهذا خطأ، ولو كانَ الشَّجع جُنوناً ‏[‏ما‏]‏ وصفَ قوائمها‏.‏ والشَّجِعة من النِّساء‏:‏ الجريئة‏.‏ واللّـبُؤة الشجْعاء هي الجريئة، وكذلك الأسد أَشْجَع‏.‏ فيقال إنَّ الأَشْجَعَ من الرِّجال‏:‏ الذي كأَنَّ به جنوناً‏.‏ والأشجع‏:‏ العصب الممدود في الرِّجل فوق السُّلاَمَى‏.‏

‏(‏شجن‏)‏

الشين والجيم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اتّصال الشيء والتفافِهِ‏.‏ من ذلك الشِّجْنة، وهي الشجَر الملتفّ‏.‏ ويقال بيني وبينه شِجْنةُ رَحمٍ، يريد اتّصالَها والتفافَها‏.‏ ويقال للحاجة الشجَن، وإِنّما سمِّيت بذلك لالتباسها وتعلُّق القلبِ بها؛ والجمع شجون‏.‏ قال‏:‏

* والنّفس شتَّى شجونُها*

والأشجان‏:‏ جمع شجَن‏.‏ قال‏:‏

لي شَجَنانِ شَجَنٌ بنجدِ*** وشجَنٌ لي ببلادِ الهِنْدِ

والشواجن‏:‏ أوديةٌ غامضة كثيرةُ الشجَر‏.‏ وسمِّيت به لتشاجُنِ الشجَر‏.‏ قال الطرمّاح‏:‏

كَظَهْرِ الّلأى لو تُبتَغَى رَيَّةٌ بِها*** نَهاراً لعَيَّتْ في بطون الشَّواجِنِ

‏(‏شجوي‏)‏

الشين والجيم والحرف المعتل يدلُّ على شِدَّةٍ وصُعوبة، وأن يَنْشَب الشَّيءُ في ضيقٍ‏.‏ من ذلك الشَّجْو‏:‏ الحُزْن والهَمّ، يقال شجاه يشجوه‏.‏ وشجاني الشيء، إِذا حَزَنَكَ‏.‏ والشَّجَى‏:‏ ما نَشِبَ في الحَلْقِ من غُصَّةِ هَمٍّ‏.‏ ومفازةٌ شَجْواء‏:‏ ضيّقة المسلك‏.‏

‏(‏شجب‏)‏

الشين والجيم والباء كلمتان، تدلُّ إحداهما على تداخلٍ، والأخرى تدلُّ على ذَهابٍ وبُطلان‏.‏

الأولى‏:‏ قول العرب تشاجَبَ الأمر، إِذا اختلطَ ودخل بعضُهُ في بعض‏.‏ قالوا‏:‏ ومنه اشتقاق المِشجَب، وهي خشباتٌ متداخلة موثَّقة تُنصَب وتُنْشَر عليها الثِّياب‏.‏ والشُّجُوب‏:‏ أعمدةٌ من عَُمَُـد البيت‏.‏ قال‏:‏

* وهُنَّ معاً قِيَامٌ كالشُّجُوبِ*

ويقال ـ* وهو ذلك المعنى ـ إن الشجاب السِّداد، يقال شجبه بشجابٍ، أي سدَّه‏.‏

وأمّا الأصل الآخر فالشجِب، وهو الهالك‏.‏ يقال قد شَجِب‏.‏ وقال‏:‏

فَمَنْ يَكُ في قتلِهِ يمترى*** فإنَّ أبا نوفل قد شجِبْ

وربَّما سمَّوُا المحزون شَجِباً‏.‏ ويقولون شجَبَه، إِذا حَزَنه‏.‏ وشجبه الله، أي أهلكه الله‏.‏ قال ابن السِّكِّيت‏:‏ شَجَبَهُ يَشْجُبُهُ شَجْبَاً، إِذا شغله، وأصل الشَّجْب ما ذكرناه، وكلُّ ما بعدَه فمحمولٌ عليه‏.‏

‏(‏باب الشين والحاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شحذ‏)‏

الشين والحاء والذال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفَّة وحِدّة‏.‏ من ذلك شَحَذْتُ الحديدَ، إذا حَدَّدتَه‏.‏ ويقال إنَّ المشاحيذ رؤوس الجبال، وإِنّما سمِّيت بذلك للحِدَّة التي ذكرنَاها‏.‏ ومن الخِفّة قولهم للجائع‏:‏ شَحْذان‏.‏ ويقال إنَّ الشحْذان الخفيف في سَعيه‏.‏

‏(‏شحر‏)‏

الشين والحاء والراء ليس بشيء، وهو لعلّه اسم بلد‏.‏

‏(‏شحص‏)‏

الشين والحاء والصاد كلمةٌ واحدة، يقال إنَّ الشحَص الشاةُ لا لبَنَ لها، ويقال هي التي لم يُنْزَ عليها قط‏.‏ وفي كتاب الخليل‏:‏ الشّحْصاء‏.‏

‏(‏شحط‏)‏

الشين والحاء والطاء أصلان‏:‏ أحدهما البُعد، والآخر اختلاطٌ في شيءٍ واضطراب‏.‏

فالأوّل‏:‏ قولهم شَحَطَتِ الدّار تَشْحَطُ شَحْطَاً وشحوطاً، وهي شاحطة‏.‏

وأمّا الأصل الآخر فالشَّحْط، وهو الاضْطرابُ في الدَّمِ‏.‏ ويُقال للولدِ إِذا اضْطربَ في السَّلى‏:‏ هو يتشحط في دمه‏.‏ ومنه اللّبن المشحوط، وهو الذي يُصَبُّ عليه الماء‏.‏ ومن الباب‏:‏ الشَّحْطَة‏:‏ داءٌ يأخذ الإِبلَ لا تكاد أن تنجوَ منه‏.‏ ومن الباب المِشحط‏:‏ عُوَيدٌ يُوضَع عند قضيب الكرم يَقِيهِ الأرضَ‏.‏ وقال قوم‏:‏ إنَّ الشَّحْطَ ذَرْقُ الطّير‏.‏ وأنشدوا‏:‏

ومُلْبِدٍ بين مَوْماةٍ بِمَهْلَكَةٍ*** جاوزتُهُ بِعَلاةِ الخَلْقِ عِلْيانِ

كأنَّما الشحْط في أعلى حَمائره*** سبائِب الرَّيْط من قَزٍّ وَكَتّانِ

فإن صح هذا فهو أيضاً من الاختلاط‏.‏

‏(‏شحم‏)‏

الشين والحاء والميم أصلٌ يدلُّ على جِنسٍ من اللّحم‏.‏ من ذلك الشَّحْم، وهو معروف‏.‏ وشَحْمة الأُذُنِ‏:‏ مُعَلَّق القُرْطِ‏.‏ ورجلٌ مُشْحِمٌ كثير الشَّحْم، وإن كان يحبُّه قيل شَحِم، وإن كان يطعمه أصحابَه قيل شاحم، فإن كان يبيعه قيل شَحَّام‏.‏

‏(‏شحن‏)‏

الشين والحاء والنون أصلانِ متباينانِ، أحدُهما يدلُّ على المَلء، والآخر على البُعْدِ‏.‏

فالأوّل قولهم‏:‏ شَحَنْتُ السّفينةَ، إِذا مَلأتَها‏.‏ ومن الباب أشحن فلان للبكاء، إِذا تَهيّأ لَهُ كأنَّه اجتمع له‏.‏

وأما الآخر فالشَّحْن الطَّرْد، يقال شَحَنَهم إِذا طَرَدَهم‏.‏ ويقال للشّيءِ الشديد الحموضة‏:‏ إِنَّهُ لَيَشْحَن الذِّبّانَ، أي يطردُها، ومن الباب الشَّحْناء، وهي العداوة‏.‏ وعدُوٌّ مشاحِنٌ، أي مُباعِد‏.‏ والعداوةُ تَبَاعُدٌ‏.‏

‏(‏شحوي‏)‏

الشين والحاء والحرف المعتلّ يدلُّ على أصلٍ، وهو فَتْحُ الشَّيء‏.‏ فالشَّحْوَة‏:‏ ما بينَ الرِّجلين إِذَا خَطَا الإنسان‏.‏ ويقال للفَرَسِ الواسع الخَطْو‏:‏ وهو بعيدُ الشَّحْوة‏.‏ وشَحَا الرَّجلُ فاه‏.‏ وشَحا الفمُ نفسُه‏.‏ ويصلح في مصدرهِ الشَّحْيُ والشَّحْو‏.‏ ويقال شَحَى اللِّجامُ فمَ الفرسِ شَحْياً‏.‏ ويقال جاءت الخيل شواحِيَ، أي فاتحاتٍ أفواهَها‏.‏ قال‏:‏

* شاحِيَ لَحْيَيْ قَعْقُعانيِّ الصَّلَقْ*

‏(‏شحب‏)‏

الشين والحاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تغيُّر اللَّون، والمصدر منه الشُّحوب‏.‏ يقال شَحَبَ وَشَحُب يَشْحَُب‏.‏ ولونٌ شاحب‏.‏ قال‏:‏

تقول ابنتي لمَّا رأتنيَ شاحباً*** كأنّك فينا يا أَباتَ غَرِيبُ

ويقال، حكاه الدريدي‏:‏ شَحَبتُ الأرضَ‏:‏ قشرتُها‏.‏ فإِذا كانت الرواية صحيحةً فهو القياس‏.‏

‏(‏شحج‏)‏

الشين والحاء والجيم أصلٌ يدلُّ على صوتٍ‏.‏ من ذلك شَحَجَ الغراب يَشْحَج، وكذلك البغل‏.‏ ‏[‏والبغال‏]‏ بَناتُ شاحج‏.‏ ويقولون للحمار الوحشيّ مِشحج وشَحَّاج‏.‏ والله أعلم بالصواب‏.‏